الجمعة، 24 يونيو 2011

لنفترق ... نازك الملائكة


لنفترق الآن ما دام في مقلتينا بريق

وما دام في قعر كأسي وكأسك بعض الرحيق

فعمّا قليل يطلّ الصباح ويخبو القمر

ونلمح في الضوء ما رسمته أكفّ الضجر

على جبهتينا

وفي شفتينا

وندرك أن الشعور الرقيق

مضى ساخرا وطواه القدر

***

لنفترق الآن , ما زال في شفتينا نغم

تكّبر أن يكشف السر فاختار صمت العدم

وما زال في قطرات الندى شفة تتغنّى

وما زال وجهك مثل الظلام له ألف معنى

كسته الظلال

جمال المحال

وقد يعتريه جمود الصّنم

إذا رفع الليل كفيّه عنّا

***

لنفترق الآن , أسمع صوتا وراء النخيل

رهيبا أجشّ الرنين يذكّرني بالرحيل

وأشعر كفّيك ترتعشان كأنّك تخفي

شعورك مثلي وتحبس صرخة حزن وخوف .

لم الإرتجاف ؟

وفيم نخاف ؟

ألسنا سندرك عمّا قليل

بأن الغرام غمامة صيف

***

لنفترق الآن , كالغرباء , وننسى الشّعور

وفي الغد يشرق دهر جديد وتمضي عصور

وفيم التذكّر ؟ هل كان غير رؤى عابره

أطافت هنا برفيقين في ساعة غابره ؟

وغير مساء

طواه الفناء

وأبقى صداه وبعض سطور

من الشعر في شفتي شاعره ؟

***

لنفترق الآن , أشعر بالبرد والخوف , دعنا

نغادر هذا المكان ونرجع من حيث جئنا

غريبين نسحب عبء ادّكاراتنا الباهته

وحيدين نحمل أصداء قصتنا المائته

لبعض القبور

وراء العصور

هنالك لا يعرف الدهر عنّا

سوى لون أعيننا الصامتة


الاثنين، 13 يونيو 2011

عاشقة يروادها البكاء عن نفسها .. غادة السمان

... ولم يعد المطر يهطل على الورقة

حينما أخطّ اسمك عليها.. ولم تعد العصافير

تقطن أعشاش حروفه ونقاطه...

ولم يعد قلمي يغرورق بالحنين، ويحاول الانتحار

حينما أسطّر به عبارة "وداعاً" لزمنك..

ولم تعد محبرتي

تستحيل بحراً شاسع الزرقة والضوء

وهي تسيل حباً في رسائل تمجيد لعينيك..

وها أنت تتحوّل في برادات النسيان،

إلى ذكرى مثلجة وبغيضة،

كجثث المجرمين الذين لا يتعرف عليهم أحد...

كم كنت أكره تعليب حبنا في قصائد..

تمهيداً لدفنه في تابوت له دفتا كتاب...

بعدما كان طليقاً في الغابات والبراري والشواطئ..

بين صور وبعلبك وبرمانا والأرز.. و..و..

ولكنك أضرمت النار في دفتر الأشجار..

وكان حبك عيداً من الصفاء والأمل،

فصار كرنفالاً في مصحّ عقلي

أطباؤه أعنف مجانينه!..

***

لا أستطيع أن أتملقك كما يفعلون..

ولا الادعاء بأن مسدسك أنيق وشفاف،

ورصاصك موهوب، ومدافعك كمنجات الفرح

ومتاريس رملك تحف معمارية..

ومجازرك "تكتيك" بارع لإستراتيجية "إنسانية"..

وأنت تستحم بلعنات المشردين والمعاقين والثكالى..

وتذبح عيد الأطفال،

وتشنقهم من شعرهم إلى الأراجيح

وتصنع من جلودهم المسلوخة أحذية لمرتزقتك..

وتطرب لجوقة قراصنتك، وناهبي سفن الأبجدية

وهم ينشدون "فعولن مفاعيلن" لمجدك..

والأفاعي تشاركهم الفحيح..

والأيدي المقطوعة تصفّق في فراغ الوطن،

ونحن نحتضر في الملاجئ لحكمةٍ نجهلها!...

***

لأن وهج الشعارات ليس خبزاً وحرية وأمناً

لم يعد بوسعي اختراع التبريرات لجنونك الموسمي..

... ولم يعدْ جلدي يرحّب ببصماتك..

فمكانها في متحف المجرمين السفاحين الكبار...

وأنا أنتمي إلى قافلة الشعراء "الحمقى"،

الذين يجهلون مزايا التغزل بالجزرة والعصا معاً،

فابحث عن مؤرخ سواء..

يُزيّف تاريخك مع الخنجر والدم والعيون المفقوءة،

على طول خمسة عشر عاماً من الظلمات،

واختطاف العيد رهينة في أقبية غرورك...

***

بكاء يركض في الشوارع عاري القدمين

كالأطفال المذعورين من القنابل والألغام معاً..

.. كان حبك كقبعة الحاوي المشعوذ،

خاوياً، ومليئاً بالأوهام الجميلة الملوّنة...

وصرت حينما تقبّلني

أتحول من أميرة إلى ضفدع

وأكون مستيقظة، فأنام دهراً من الكوابيس...

تعبت منك، ومن أقنعتك وألسنتك وببغائياتك..

تعبت من سفاحي ملصقاتك، طواويس الغطرسة..

"شهداء" النهب في شتاءات الدم واللعنة..

تعبت من الخرائب المعلّقة والأوبئة في ركابك...

والحرائق تشتعل في موطئ قدميك..

تعبت من محاضراتك عن "الكادحين"

في فنادق "الباهامس" ومنتجعات "هاواي"...

وتعبت من بياناتك عن "المسحوقين"

تسطّرها في طائرتك الخاصة

وأنت تغط قلمك في سواد الكافيار الإيراني..

سئمت محاضراتك عن التُقى،

ورائحة الشمبانيا تهب من فمك،

وبالرغم من عبير عطرك الفرنسي الثمين،

تظل تفوح منك روائح أدوية تحنيطك..

وفي ظل هذيانك "النضالي" المزور و "رفاقك"

صار العيد يطارحنا البكاء

والهجرة تراودنا عن أنفسنا..

والموت يغتصبنا في الملاجى..

***

لم تترك لنا من العيد غير زيارة المقابر...

أركض في مقبرة لبنان الشاسعة..

أقرع شواهد قبور أحبائي بطرف قلمي

يطلعون منها ودمهم ما زال ينزف

ويسألونني : لماذا استدعيتنا! هل تبدّل شيء؟

هل عادت أميرة الحرية من غيبوبتها

وانتهت مهرجانات مصاصي الدماء؟

وهل صار العيد ضيفاً مكرماً

في شوارع العويل والكراهية العمياء؟

وأدفن نفسي في أكفان خجلي منهم،

وأهمس بعار تلميذ كسول: لا... لم...

ويعاتبني الأموات: إذاً لماذا استدعيتنا؟

وأنهمر أشواقاً وحزناً وبكاءً: لقد افتقدتكم!...

السبت، 28 مايو 2011

حان لهذا القلب أن ينسحب - أحلام مستغانمي

أخذنا موعداً

في حيّ نتعرّف عليه لأوّل مرّة

جلسنا حول طاولة مستطيلة

لأوّل مرّة

ألقينا نظرة على قائمة الأطباق

ونظرة على قائمة المشروبات

ودون أن نُلقي نظرة على بعضنا

طلبنا بدل الشاي شيئاً من النسيان

وكطبق أساسي كثيراً من الكذب.

...

وضعنا قليلاً من الثلج في كأس حُبنا

وضعنا قليلاً من التهذيب في كلماتنا

وضعنا جنوننا في جيوبنا

وشوقنا في حقيبة يدنا

لبسنا البدلة التي ليست لها ذكرى

وعلّقنا الماضي مع معطفنا على المشجب

فمرَّ الحبُّ بمحاذاتنا من دون أن يتعرّف علينا

...

تحدثنا في الأشياء التي لا تعنينا

تحدّثنا كثيراً في كل شيء وفي اللاّشيء

تناقشنا في السياسة والأدب

وفي الحرّية والدِّين.. وفي الأنظمة العربيّة

اختلفنا في أُمور لا تعنينا

ثمّ اتفقنا على أمور لا تعنينا

فهل كان مهماً أن نتفق على كلِّ شيء

نحنُ الذين لم نتناقش قبل اليوم في شيء

يوم كان الحبُّ مَذهَبَنَا الوحيد الْمُشترك؟

...

اختلفنا بتطرُّف

لنُثبت أننا لم نعد نسخة طبق الأصل

عن بعضنا

تناقشنا بصوتٍ عالٍ

حتى نُغطِّي على صمت قلبنا

الذي عوّدناه على الهَمْس

نظرنا إلى ساعتنا كثيراً

نسينا أنْ ننظر إلى بعضنا بعض الشيء

اعتذرنـــــا

لأننا أخذنا من وقت بعضنا الكثير

ثـمَّ عُدنــا وجاملنا بعضنا البعض

بوقت إضافيٍّ للكذب.

...

لم نعد واحداً.. صرنا اثنين

على طرف طاولة مستطيلة كنّا مُتقابلين

عندما استدار الجرح

أصبحنا نتجنّب الطاولات المستديرة.

"الحبُّ أن يتجاور اثنان لينظرا في الاتجاه نفسه

.. لا أن يتقابلا لينظرا إلى بعضها البعض"

...

تسرد عليّ همومك الواحد تلو الآخر

أفهم أنني ما عدتُ همّك الأوّل

أُحدّثك عن مشاريعي

تفهم أنّك غادرت مُفكّرتي

تقول إنك ذهبت إلى ذلك المطعم الذي..

لا أسألك مع مَن

أقول إنني سأُسافر قريباً

لا تسألني إلى أين

...

فليكـــن..

كان الحبّ غائباً عن عشائنا الأخير

نــــاب عنــه الكـــذب

تحوّل إلى نــادل يُلبِّي طلباتنا على عَجَل

كي نُغادر المكان بعطب أقل

في ذلك المساء

كانت وجبة الحبّ باردة مثل حسائنا

مالحة كمذاق دمعنا

والذكرى كانت مشروباً مُحرّماً

نرتشفه بين الحين والآخر.. خطأً

...

عندما تُرفع طاولة الحبّ

كم يبدو الجلوس أمامها أمراً سخيفاً

وكم يبدو العشّاق أغبياء

فلِمَ البقاء

كثير علينا كل هذا الكَذب

ارفع طاولتك أيّها الحبّ حان لهذا القلب أن ينسحب

الجمعة، 27 مايو 2011

فم - نزار قباني

في وجهها يدور .. كالبرعم
بمثله الأحلام لم تحلم
كلوحة ناجحة .. لونها
أثار حتى حائط المرسم
كفكرة .. جناحها أحمر
كجملة قيلت ولم تفهم
كنجمة قد ضيعت دربها
في خصلات الأسود المعتم
زجاجة للطيب مختومة
ليت أواني الطيب لم تختم
من أين يا ربي عصرت الجنى؟
وكيف فكرت بهذا الفم
وكيف بالغت بتدويره؟
وكيف وزعت نقاط الدم؟
وكيف بالتوليب سورته
بالورد، بالعناب، بالعندم؟
وكيف ركزت إلى جنبه
غمارة .. تهزأ بالأنجم..
كم سنة .. ضيعت في نحته ؟
قل لي .. ألم تتعب .. ألم تسأم؟
منضمة الشفاه .. لا تفصحي
أريدُ أن أبقى بوهمِ الفمٍ

التناقضات - نزار قباني

فشلت جميع محاولاتي

في أن أفسر موقفي

فشلت جميع محاولاتي

مازلت تتهمينني

كأني هوائي المزاج , ونرجسي

في جميع تصرفاتي

مازلت تعتبرينني

كقطار نصف الليل .. أنسى دائما

أسماء ركابي , ووجه زائراتي

فهواي غيب

والنساء لدي محض مصادفات

مازلت تعتقدين .. أن رسائلي

عمل روائي .. واشعاري

شريط مغامرات

وبأنني استعمل اجمل صاحباتي

جسراً إلى مجدي .. ومجد مؤلفاتي

مازلتي تحتجين أني لا احبك

كالنساء الأخريات

وعلى سرير العشق لم أسعدك مثل الأخريات

أهـ من طمع النساء

وكيدهن

ومن عتاب معاتباتي

كم أنتي رومانسية التفكير ، ساذجة

التجارب

تتصورين الحب صندوقاً مليئاً

بالعجائب

وحقول جار دينيا

وليلا لا زوردي الكواكب

مازلت تشترطين

أن نبقى إلى يوم القيامة عاشقين

وتطالبين بان نظل على الفراش ممددين

نرمي سجائرنا ونشعلها

وننقر بعضنا كحمامتين

ونظل أياما .. وأياما ..

نحاور بعضنا بالركبتين

هذا كلام مضحك

انا لست اضمن طقسي النفسي بعد دقيقتين

ولربما يتغير التاريخ بعد دقيقتين ونعود

في خفي حنين

من عالم الجنس المثير

نعود في خفي حنين

فشلت جميع محاولاتي

في أن أفسر موقفي

فشلت جميع محاولاتي

فتقبلي عشقي على علاته

وتقبلي مللي .. وذبذبتي .. وسوء تصرفاتي

فأنا كماء البحر في مدي وفي جزري وعمق تحولاتي

إن التناقض في دمي وأنا احب

تناقضاتي

ماذا سأفعل يا صديقه

هكذا رسمت حياتي

..منذ الخليقة .. هكذا رسمت حياتي

حب بلا حدود - نزار قباني

-1-
يا سيِّدتي:
كنتِ أهم امرأةٍ في تاريخي
قبل رحيل العامْ.
أنتِ الآنَ.. أهمُّ امرأةٍ
بعد ولادة هذا العامْ..
أنتِ امرأةٌ لا أحسبها بالساعاتِ وبالأيَّامْ.
أنتِ امرأةٌ..
صُنعَت من فاكهة الشِّعرِ..
ومن ذهب الأحلامْ..
أنتِ امرأةٌ.. كانت تسكن جسدي
قبل ملايين الأعوامْ..
-2-
يا سيِّدتي:
يالمغزولة من قطنٍ وغمامْ.
يا أمطاراً من ياقوتٍ..
يا أنهاراً من نهوندٍ..
يا غاباتِ رخام..
يا من تسبح كالأسماكِ بماءِ القلبِ..
وتسكنُ في العينينِ كسربِ حمامْ.
لن يتغيرَ شيءٌ في عاطفتي..
في إحساسي..
في وجداني.. في إيماني..
فأنا سوف أَظَلُّ على دين الإسلامْ..
-3-
يا سيِّدتي:
لا تَهتّمي في إيقاع الوقتِ وأسماء السنواتْ.
أنتِ امرأةٌ تبقى امرأةً.. في كلَِ الأوقاتْ.
سوف أحِبُّكِ..
عند دخول القرن الواحد والعشرينَ..
وعند دخول القرن الخامس والعشرينَ..
وعند دخول القرن التاسع والعشرينَ..
و سوفَ أحبُّكِ..
حين تجفُّ مياهُ البَحْرِ..
وتحترقُ الغاباتْ..
-4-
يا سيِّدتي:
أنتِ خلاصةُ كلِّ الشعرِ..
ووردةُ كلِّ الحرياتْ.
يكفي أن أتهجى إسمَكِ..
حتى أصبحَ مَلكَ الشعرِ..
وفرعون الكلماتْ..
يكفي أن تعشقني امرأةٌ مثلكِ..
حتى أدخُلَ في كتب التاريخِ..
وتُرفعَ من أجلي الراياتْ..
-5-
يا سيِّدتي
لا تَضطربي مثلَ الطائرِ في زَمَن الأعيادْ.
لَن يتغيرَ شيءٌ منّي.
لن يتوقّفَ نهرُ الحبِّ عن الجريانْ.
لن يتوقف نَبضُ القلبِ عن الخفقانْ.
لن يتوقف حَجَلُ الشعرِ عن الطيرانْ.
حين يكون الحبُ كبيراً..
والمحبوبة قمراً..
لن يتحول هذا الحُبُّ
لحزمَة قَشٍّ تأكلها النيرانْ...
-6-
يا سيِّدتي:
ليس هنالكَ شيءٌ يملأ عَيني
لا الأضواءُ..
ولا الزيناتُ..
ولا أجراس العيد..
ولا شَجَرُ الميلادْ.
لا يعني لي الشارعُ شيئاً.
لا تعني لي الحانةُ شيئاً.
لا يعنيني أي كلامٍ
يكتبُ فوق بطاقاتِ الأعيادْ.
-7-
يا سيِّدتي:
لا أتذكَّرُ إلا صوتُكِ
حين تدقُّ نواقيس الآحادْ.
لا أتذكرُ إلا عطرُكِ
حين أنام على ورق الأعشابْ.
لا أتذكر إلا وجهُكِ..
حين يهرهر فوق ثيابي الثلجُ..
وأسمعُ طَقْطَقَةَ الأحطابْ..
-8-
ما يُفرِحُني يا سيِّدتي
أن أتكوَّمَ كالعصفور الخائفِ
بين بساتينِ الأهدابْ...
-9-
ما يَبهرني يا سيِّدتي
أن تهديني قلماً من أقلام الحبرِ..
أعانقُهُ..
وأنام سعيداً كالأولادْ...
-10-
يا سيِّدتي:
ما أسعدني في منفاي
أقطِّرُ ماء الشعرِ..
وأشرب من خمر الرهبانْ
ما أقواني..
حين أكونُ صديقاً
للحريةِ.. والإنسانْ...
-11-
يا سيِّدتي:
كم أتمنى لو أحببتُكِ في عصر التَنْويرِ..
وفي عصر التصويرِ..
وفي عصرِ الرُوَّادْ
كم أتمنى لو قابلتُكِ يوماً
في فلورنسَا.
أو قرطبةٍ.
أو في الكوفَةِ
أو في حَلَبٍ.
أو في بيتٍ من حاراتِ الشامْ...
-12-
يا سيِّدتي:
كم أتمنى لو سافرنا
نحو بلادٍ يحكمها الغيتارْ
حيث الحبُّ بلا أسوارْ
والكلمات بلا أسوارْ
والأحلامُ بلا أسوارْ
-13-
يا سيِّدتي:
لا تَنشَغِلي بالمستقبلِ، يا سيدتي
سوف يظلُّ حنيني أقوى مما كانَ..
وأعنفَ مما كانْ..
أنتِ امرأةٌ لا تتكرَّرُ.. في تاريخ الوَردِ..
وفي تاريخِ الشعْرِ..
وفي ذاكرةَ الزنبق والريحانْ...
-14-
يا سيِّدةَ العالَمِ
لا يُشغِلُني إلا حُبُّكِ في آتي الأيامْ
أنتِ امرأتي الأولى.
أمي الأولى
رحمي الأولُ
شَغَفي الأولُ
شَبَقي الأوَّلُ
طوق نجاتي في زَمَن الطوفانْ...
-15-
يا سيِّدتي:
يا سيِّدة الشِعْرِ الأُولى
هاتي يَدَكِ اليُمْنَى كي أتخبَّأ فيها..
هاتي يَدَكِ اليُسْرَى..
كي أستوطنَ فيها..
قولي أيَّ عبارة حُبٍّ
حتى تبتدئَ الأعيادْ

رنا .. .. جمال بخيت

كانت رنا
وكنت أنا
وتالتنا حكمة ربنا
يؤمر .. نطيع ..
هو احنا نملك أمرنا ؟!
(كونوا)..
بقينا لوحدنا .. رغم الزحام
(حبوا)
ودوبنا ف حبنا
من غير كلام
دوقوا الحلال
دوقوا الحرام
واتمتعوا
جوه مقام العشق
تسجد لكو شمس المقام
أو مطر .. للابتسام
شفايفنا بدأت الانتقام
من كل لحظة اتسرسبت
من عمرنا
من غير ما نعرف بعضنا
كانت رنا
مكتوبة آيتي .. بسحرها
وخطوط حياتي في كفها
منقوشة روحي
في علنها وسرها
تهرب عيوني من عيونها
وتستخبى في نهدها
كانت رنا
وكنت أنا
وكان هوانا بينتشر
شمس وحنين
يملا قلوب العاشقين
والمحتاجين
حضن ووطن
والمنشدين رغبة وغنا
والعازفين
والعارفين
والموعودين بعد الضنا
كانت رنا
وكنت أنا
شمس .. وكواكب في المدار،
كعبة .. وحجيج
بيدوروا – ف أرض الهدى –
على نفسهم،
نارالهوى..
وفراشة جاية من المدر
فاكراها نور..
كانت رنا
غنوة تغنيها خلايا القلب
لزوايا الطيور
المجذوبين.. جوه فؤادي المنتشي
طلقوا البخور..
طالبين رنا توهة وسحر
والغواصين
في مهجتي ندروا الندور
عايزين رنا أرزاق وبحر
وانا رب أمة من الشعور
حارس على باب الغرور
مين يملك اللي بملكه
لحظة هنا..
بتختصر مليون سنة..
كانت رنا
وانا هاكون
زمن الجنون
واقف على كل الغصون
باعلن وفاة المستحيل
إشرب يا نيلي من البحار
وكفاية صمت أو انتظار
وكفاية نومة رحلتك
ف حضن راحة الانحدار
الانكسار..
عمره ما كان طلعة نهار
هاتي صهيلك يا رنا
يرمح ما بين دم العروق
خليني اغيب..
خليني افوق..
خليني ادوق حريتك
واغرق مع نور شهوتك
مجبور على حب الحياة
لو حتى املك الاختيار
إشرب يا نيلي من البحار
واكتب بدم المهزومين
غنوة.. مصيرها.. الانتصار
أول قصيدة كفر بشطوط الحصار
أو قصيدة شعر تتحدى الفنا
أو قصيدة حب
مكتوبة لرنا..